صدق أو لا تصدق.. التلفزيون الرسمي يذيع تسريبا ضد وزير الإعلام المصري
يبدو أن أزمة وزير الإعلام المصري أسامة هيكل مع عدد من مشاهير الإعلاميين المصريين لم تهدأ، بل في طريقها لتصاعد مستمر، حيث بث التلفزيون الرسمي أمس الاثنين تسريبا للوزير يعود لسنوات مضت، وذلك في سياق اتهامه بتلقي تعليمات وتوجيهات من جهات أخرى، وهي نفس التهمة التي وجهها الوزير لبعض الإعلاميين.
ويتابع المصريون خلال الأسبوع الجاري صراعا محتدما وتراشقا لفظيا واتهامات وصلت إلى التخوين، بين وزير الإعلام وعدد من أشهر المذيعين والصحفيين، وذلك على خلفية تصريحات هيكل بأن أغلب المصريين خصوصا من الشباب انصرفوا عن متابعة وسائل الإعلام التقليدية سواء تعلق ذلك بالصحافة المكتوبة أو التلفزيون.
ويقول إعلاميون وسياسيون إن ما يجري بين الطرفين في حقيقته صراع بين أجهزة أمنية وأجنحة متنافسة داخل نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
المثير أن مكتب وزير الإعلام يقع في نفس مبنى التلفزيون الرسمي الذي أذاع التسريبات، لكن شركة تابعة للمخابرات العامة هي من تسيطر حاليا على البرامج الرئيسية بالتلفزيون، بعدما حصلت على عقد بدعوى تطويره، وهي نفس الشركة المسيطرة على معظم القنوات والصحف المصرية، وكذلك الإنتاج الفني وحتى الإعلانات.
وفي أحدث حلقات هذا الصراع، اختار الجناح المناوئ لوزير الإعلام أن يضربه في قلب سلطته، في القناة الأولى بالتلفزيون، عبر تسريب مكالمات جرت بينه وبين السيد البدوي (الرئيس السابق لحزب الوفد) في سابقة لم يشهدها الإعلام المصري في تاريخه، وقد أثارت سخرية واسعة وانتقادا حادا على منصات التواصل الاجتماعي.
وأذاع الإعلامي المقرب من السلطة، وائل الإبراشي، مكالمة مسربة بين البدوي ومجهول ـيتردد أنه ضابط بجهاز أمن الدولة المنحل ـ يجري فيه الحديث عن اجتماعات سياسية دعيت إليها أحزاب وشخصيات عامة وتم تجاهل الوفد، وذلك عام 2011 في الفترة التالية لثورة يناير التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك بعد 30 عاما في السلطة.
وفي التسريب يظهر صوت البدوي يطلب من سكرتيرته الاتصال بأسامة هيكل الذي كان رئيسا لتحرير صحيفة حزب الوفد آنذاك، ويطالبه بالتصرف إزاء هذا التجاهل. علما بأن صوت هيكل لا يظهر في هذا التسريب، في حين يعلق الإبراشي بالقول إن "من يتلقى الأوامر دائما هو هيكل وليس الإعلاميون والصحفيون العاملون بالإعلام المصري" في إشارة لتعليق هيكل على الحملة الواسعة ضده في وسائل إعلام وصحف مملوكة لأجهزة أمنية أو مقربة منها.
وكان هيكل قد اعتبر الحملة ضده مدفوعة من جهات وأشخاص معروفين بالاسم، بسبب انتقاده لعزوف الشباب، وهم ثلثا المجتمع، عن متابعة الإعلام المحلي.
فقد بوصلته وضل الطريق
واعتبر الإبراشي -في تعليقه على التسريب- أن هيكل اسُتخدم كثيرا لصالح جبهات تسعى للحصول على جزء من المكاسب بعد ثورة يناير، متهما إياه بأنه "يخدم بتصريحاته هذه إعلام الجزيرة والإعلام المصري المعارض بالخارج، وتحطيم الإعلام المصري".
وتابع أن الوزير أصبح "بطلا لقنوات الإخوان والجزيرة خلال ساعات ولم يرد على ذلك، فأصبح خصما لإعلام جاء لمساندته وبطلا لإعلام جاء ليحاربه" مضيفا "وزير الإعلام فقد بوصلته وضل الطريق ورفع منهج الصدام مع الجميع ومع الإعلام الذي يسانده".
وتساءل المذيع في ختام حديثه عن هيكل "كيف يمكن لوزير الإعلام أن يستمر في منصبه بعد أن دخل في حالة خصومة شديدة مع كل وسائل الإعلام المصرية المختلفة؟".
ومن جانب آخر، قال نشطاء إن التسريب قديم، وهو جزء لم يذع لنفس المكالمة التي أذاعها الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية عبد الرحيم علي، عام 2015، وتحدث فيها نفس الشخص مع البدوي حول التخلص مستقبلا من جماعة الإخوان المسلمين، قائلا "ستكون هناك مليشيات تذبح الإخوان".
وعمل هيكل قبل ثورة يناير 2011 مندوبا لجريدة الوفد بوزارة الدفاع ومحررا عسكريا مما مكنه من تكوين صلات ببعض قادة الجيش، ثم ترأس تحرير الصحيفة عقب الثورة، قبل أن يجيء وزيرا للإعلام بوزارة عصام شرف التي شكلها المجلس العسكري الحاكم وقتها، ثم أقيل وتوارى عن المشهد بعض الشيء قبل أن يعيده السيسي قبل نحو عام ويعينه وزيرا للدولة للإعلام.
ويرى مراقبون أن هيكل محسوب على الجناح العسكري للنظام الحاكم، وهو رجل القوات المسلحة بالحكومة، وأن (هؤلاء) الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف يعملون في وسائل إعلام وصحف مملوكة في معظمها لشركات تتبع أجهزة أمنية ومخابراتية أو خاضعة مباشرة لها، مما يعني أن الصراع (أصبح) بين أجهزة الأمن المختلفة والقوات المسلحة على مساحات النفوذ بالإعلام.
وكشفت تسريبات سابقة تلقي إعلاميين مصريين تعليمات من ضابط بالمخابرات يدعى أشرف الخولي بما يجب أن يقال، وقد اعتاد الصحفيون بمصر السخرية مما يسمونه "تعليمات واتساب الصباحية" التي تصلهم من أحد الضباط بما يتوجب كتابته وقوله.
وقد أخطأت إحدى المذيعات وذكرت نهاية تقريرها المذاع على الهواء مباشرة بإحدى الفضائيات أن الخبر تم إرساله من جهاز سامسونغ، مما استدعى السخرية وتسمية الإعلام المصري بـ "إعلام السامسونغ" والتي شاعت مؤخرا.
وسخر مغردون من قيام تلفزيون الدولة الرسمي ببث تسريبات لوزير الإعلام، المفترض أن التلفزيون خاضع له، حيث انتشرت تغريدات ومنشورات تؤكد أن ما جرى سابقة تؤكد وجود صراع داخل السلطة، ورغبة في الإطاحة بالوزير، مع الإشارة إلى تسريبات سابقة لرموز النظام طالما أنكرها الإعلام المحلي واستنكر إذاعتها على قنوات مصرية بالخارج.
وطالب مغردون السلطة بإقالة الوزير مباشرة إذا كانت لا ترغب في استمراره بمنصبه، بدلا من ترك أذرعها الإعلامية وألسنتها لتشويهه وضربه، حتى لا يتحول الأمر إلى "مسخرة ومهزلة عبثية تفيد أعداء البلاد" بتعبير بعضهم.
والتزم الوزير هيكل الصمت التام تجاه التسريبات، مكتفيا فيما يبدو بمنشورين كانا سببا في مزيد من توجيه الضربات له، ثم أتبعهما خلال اليومين الماضيين بمشاركة منشورات المدافعين عنه.
والمثير أن من بات يكتب دفاعا عن وجهة نظر هيكل تجاه تردي أوضاع الإعلام والصحافة بمصر هم ألد خصوم النظام من المعارضين والإعلاميين بالخارج.
#أسامة_هيكل تحدث من منطلق تقديم النصح للنظام ، ولكن هذا أيضاً ليس مسموح به في دولة #السيسي ، فمسؤولين دولة السيسي يؤتى بهم لتنفيذ الأوامر وللسمع والطاعة فقط، ليس لهم الحق في الحديث وإبداء الآراء ولا حتى النصح، هيكل لم يكن أعز من الفريق حجازي "صهر السيسي" الذي أطاح به السيسي.
— mahmoud gamal (@mahmoud14gamal) October 20, 2020
اسامة هيكل يبقى وزير الاعلام. وشاشة القناة الاولى في التلفزيون المصري. بس نشرة التاسعة تبع المخابرات العامة ايجار جديد. ولذلك بتذيع تسريب لوزير الاعلام. على القناة الاولى في التلفزيون الرسمي.
وانا داخل انام.— شنكحاوي (@miro_alz3blwy) October 20, 2020
اعلام النظام بيقول الاخوان اشتروا وزير الاعلام #أسامة_هيكل ووعده ببرنامج علي قنوات الاخوان مقابل انه يطلع يهاجم ويشكك في الاعلام الوطني pic.twitter.com/7b7U7Fsixz
— 😑مصري إلا جزيرتين😑 (@eslam198611abdo) October 19, 2020
اسامة هيكل يبقى وزير الاعلام المصري. بس نشرة التاسعة بتذيع على الهواء تسريب لوزير الاعلام. على شاشة القناة الاولى في التلفزيون الرسمي برضه مش عايز تندهش يا مواطن
— ghada ahmed (@ghadaah09823683) October 20, 2020
وسيتوقف التاريخ طويلا بالفحص والدرس أمام عظمة الإخوان، لنقص ونروي كيف استطاع الخلية الإخوانية النائمة أسامة هيكل أن يخترق صفوف حزب الوفد سنين طويلة ويصل ببراعة نادرة إلى منصب وزير الإعلام مرتين، مرة بعد ثورة والأخرى بعد انقلاب!#الخداع_الاستراتيجي_على_ابوه
— Sayed Tawakol (@Sayed_Tawakkol) October 20, 2020