بالصور.. شجرة عمرها أكثر من ألف سنة زارها معظم رؤساء العراق.. ما قصتها؟
طول عمر الشجرة يعود إلى مقاومتها متغيّرات الجو والطبيعة، بالإضافة إلى البيئة والأرض الجيدة لشقلاوة التي تشتهر بوجود الكثير من مثل هذه الأشجار المعمّرة.
أربيل- بقوامٍ معتدل، وإن بان عليها تقدّم العمر قليلا، تعيش أكبر وأقدم شجرة معمّرة في منطقة شقلاوة السياحية التابعة لمدينة أربيل في إقليم كردستان العراق، وتجاوز عمرها الألف عام، ويزيدُ ارتفاعها عن 60 مترا، في حين يبلغ قطرها نحو 5 أمتار.
تبدو أغصان الشجرة من خلال النظر إلى شكلها الخارجي مُفكّكة ومنفصلة عن بعضها بعضا، لكن في حقيقتها مُتشابكة ومتحدّة مع بعضها بجذور تمتد إلى عشرات الأمتار تحت الأرض.
ملكيتها
تعود ملكيّة "شجرة جنار"، أي شجرة الدلب، لعائلة الراحل عثمان ميران، وهو شيخ عشيرة خوشناو الكردية المعروفة على مستوى الإقليم والعراق، واستطاعت العائلة أن تحافظ عليها حتى الآن، وباتت بمثابة هوية لهم، ورمزا لمدينتهم، وفقا للمحامي عبد القادر عثمان ميران النجل الأصغر لشيخ عشيرة ميران.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsأكلتا “اللبلبي” و”الشلغم” توحدان الشعب العراقي.. ما السر في ذلك؟أكلتا “اللبلبي” و”الشلغم” ...
الملك فيصل الثاني ورئيس عشيرة خوشناو-شقلاوة pic.twitter.com/2jyzg08PkQ
— Omama (@rafelnabeel312) August 25, 2020
ويحكي ميران (61 عاما) عن واحدة من أبرز السمات التي زادت من مكانة الشجرة، ذلك أن جميع رؤساء وقادة العراق زاروها والتقطوا الصور معها، أبرزهم الملك فيصل الأول والملك فيصل الثاني وعبد الكريم قاسم وأحمد حسن البكر، والكثير من السفراء العرب والأجانب وشخصيات سياسية معروفة محليا وخارجيا، باستثناء الرئيس الراحل صدام حسين، الذي اكتفت عائلته فقط بزيارة الشجرة عندما زار المدينة في الثمانينيات من القرن الماضي.
ورغم التغييرات الجيولوجية والطبيعية التي تُعرف عن المدينة بحكم شلالاتها ووديانها وجبالها المشهورة، فإن الشجرة المذكورة ما زالت شامخة واستطاعت أن تصمد لمئات السنوات أمام كل تلك المتغيّرات، وما زالت تتمتع بقوام حيوي مرتفع، بالإضافة إلى تمسكها بأوراقها الخضراء التي تضيف جمالا أكثر لها.
عمرها
يستذكر ميران في حديثه للجزيرة نت أن وفدا أجنبيا ضم خبراء بريطانيين وأميركيين أجروا دراسات وأبحاث عدة على الشجرة في العام 1996، واستنتجوا من أبحاثهم أن عمرها يتجاوز الألف عام آنذاك، أي أن عمرها الآن أصبح أكثر من 1025 عاما.
باتت الشجرة تمثل الرمز الحي لمدينة شقلاوة، وترتبط ارتباطًا وثيقا وتاريخيا بها، وهي بمثابة هوية صريحة وواضحة عن قدم المدينة وتراثها، وهذا ما جعل الكثير من السياح والوافدين الأجانب يتردّدون عليها حتى الآن، يقول ميران.
ما يرجوه النجل الأصغر هو أن تزيد الجهات المعنية من مساحة الاهتمام بالأماكن التراثية والطبيعية المعروفة في شقلاوة، أبرزها هذه الشجرة، لتتحول إلى معلم سياحي يخدم المدينة، ويعطي انطباعا حضاريا عنها، لا سيما وأنها ذات طبيعة خلابة تساعد في كسب السائحين والوافدين الأجانب أكثر.
التفسير العلمي
وتشتهر كردستان العراق دون غيرها من المناطق العراقية الأخرى بوجود أشجار تصل أعمارها إلى مئات السنين، لا سيما التي تنمو بالقرب من الأنهار وفي الغابات، لتلعب طبيعة البيئة دورا في ذلك، كما يقول الخبير الزراعي كامران أحمد.
منطقة شقلاوة التي تقع شمال مدينة هولير أربيل
Kurdistan – Hawlêr region pic.twitter.com/6XP4jT2WNIإعلان— Kurdistan | كوردستان (@Kurdistan_AR) April 16, 2020
وعلميا، يفسّر أحمد طول عمر هذه الشجرة بمقاومتها متغيّرات الجو والطبيعة، بالإضافة إلى البيئة والأرض الجيدة لشقلاوة، التي تشتهر بوجود الكثير من مثل هذه الأشجار المعمّرة.
ويمكن تحديد عمر أي شجرة من خلال أعداد حلقاتها، إذ تمثل كل حلقة منها سنة واحدة من عمر الشجرة، وفقا للخبير الزراعي، قائلا للجزيرة نت إن عرض المسافة بين الحلقات يدل على أن الأمطار كانت غزيرة مع اعتدال الجو في تلك السنة، وبالعكس، إن كانت ضيّقة فتدل على قلة الأمطار واضطراب الجو.
من جانبه، يقول الصحفي المصور آرام شقلاويي إن الشجرة أصبحت نقطة تجمع والتقاء للصحفيين والنخب المثقفة، بالإضافة إلى أنها تؤكد اهتمام سكان المدينة بالطبيعة من خلال عدم قطعها أو الضرر بها حتى الآن.
ويقترح شقلاويي -في حديثه للجزيرة نت- على الجهات الحكومية في الإقليم إجراء أبحاث ودراسات معمّقة عن الشجرة والأرض التي زُرعت فيها لمعرفة تاريخ وعمر منطقتهم التي يتوقع أن تعود لآلاف السنوات، واحتمال وجود الكثير من المناطق الأثرية المخفية فيها دون اكتشافها حتى الآن.