تشيلسي–مانشستر سيتي.. مباراة الصدف والتناقض
وعندما تكون المقدمات كتلك فمن المنطقي أن تأتي الأهداف الثلاثة من أخطاء فردية أو صدف سعيدة، رغم كونها مباراة بين اثنين من ألمع العقول التكتيكية في البريميرليغ وأكثرها هوسًا بالتفاصيل والنظام.
أحكم الإيطالي خطته ثم جلس ينتظر وقوع غوارديولا في الفخ، وهو ما لم يحدث لأن سترلينغ لم يبدأ، والـ(4-1-4-1) المعتادة لم تظهر، والكتالوني كان مشغولًا بنصب فخ آخر لخصمه، وبدأ مباراته بنفس الـ(4-2-3-1) التي أنهى بها مباراة أرسنال، مضحيًا بأحد طرفيه التي خطط كونتي لإيقافها لحساب ارتكاز إضافي هو ديلف، وهو ما أغلق العمق في وجه ثلاثي البلوز، وسمح لفيرناندينيو بالتفرغ لمواجهة توغلات هازارد القطرية من الطرف، بالضبط كما واجه نفس التوغلات لسانشيز منذ أيام، بالإضافة لأنه منح دفاع السيتي صلابة مفاجئة بمشاركة كومباني، وبدا وكأن كلا من المدربين قد نصب فخه في المكان الخطأ وانتظر خصمه ليلتقط الطعم بلا جدوى.
بالطبع كانت خطة الكتالوني تقتضي صعود ديلف للمساندة كلما أمكن، سامحًا لسيلفا بالتوغل بينما يتفرغ فيرناندينيو لتغطية المساحات خلف نافاس ودي بروين ولكن هذا لم يحدث كذلك، لأن ثنائي الارتكاز لم ينجح في صناعة فرصة واحدة، وثنائي الجبهة اليمنى لم يكن في أفضل أيامه، ولا يظهر ذلك سوى كون البلجيكي كان أقل لاعبي فريقه طلبًا للكرة باستثناء ساني وأجويرو.
المهم أن بيب لم يخطُ على قشرة الموز التي وضعها كونتي في طريقه، وكونتي لم يضغط الزر المكهرب الذي أعده له بيب، ولكن لأنها مباراة الصدف والتناقضات، أتى الحل من آخر مكان لا يمكن توقعه، ومنح كانتي التفوق لوسط ملعب السيتي طيلة الشوط الأول تقريبًا، بعد أن فشل في إيقاف سيلفا في كل المواجهات، وعجز عن الفوز بالتحام واحد طيلة الشوط الأول -ولاحقًا في كامل المباراة- حارمًا فريقه من التحولات السريعة التي عادة ما يكون هو مصدرها الأول.
وبالطبع كان أداء كانتي هو ما دفع كونتي لإجراء تعديله الأهم في الشوط الثاني، بإقحام ماتيتش بدلًا من زوما الذي بدا فريسة سهلة لبَينيّات سيلفا، معيدًا أزبليسويتا للقلب لترويض ساني، وبيدرو للظهير الأيمن ليستكمل تألقه حتى نهاية المباراة.
دخول ماتيتش لم يكتفِ بغلق كل المنافذ على السيتي وحسب، بل كان إعلانًا بنهاية الموسم رسميًا، لأن كونتي كان يعلم أن فريقه لم يتمكن من صناعة الكثير من الفرص بوجود بيدرو في الثلاثي الأمامي، وبالتأكيد لن يصنع المزيد منها بعودته لموقع الظهير، ولكنه يضمن انتهاء المباراة بنتيجتها الحالية، لسبب بسيط هو أن السيتي سجل هدفًا واحدًا من خطأ فردي لكورتوا بينما أهدر 6 فرص محققة أتى 4 منها في الشوط الثاني.
قمة الجولة الحادية والثلاثين كانت قمة التناقض رغم أنها انتهت بفوز البلوز بجدارة، ليس فقط للأسباب المذكورة أعلاه، ولكن لأنها كانت مواجهة بين مدربين يعيشان فترة مختلفة في مسيرتهما، تشهد صعودًا مدويًا للأول يَعِد بأفضل سنينه التدريبية في المستقبل، وأفول نجم آخر قد مر بها بالفعل ولا يبدو قادرًا على استرجاعها، بين مدرب يخطط لغزو أوروبا في الموسم المقبل، وآخر أصبح يعتبر التأهل لها بمثابة بطولة، لذا كان من المنطقي أن يتلقى هزيمته على يد الأول ذهابًا وإيابًا لأول مرة في تاريخه.