الوقود الأحفوري.. طاقة محدودة غير متجددة على وشك الاندثار

الوقود الأحفوري مادة طبيعية تتكون من بقايا كائنات قديمة مدفونة على مدى ملايين السنين، إذ تؤدي الحرارة والضغط على طبقات الرواسب إلى تغيير البقايا العضوية المتحللة إلى مواد يمكن استخدامها مصدرا للطاقة.

ويعرف الوقود الأحفوري أيضا بأنه وقود ناتج عن مجموعة من المواد المستخرجة من داخل الأرض تسمى الأحفوريات.

واعتمدت البشرية لعدة عقود على الوقود الأحفوري الذي يتميز بخصائص، منها سهولة نقله وتخزينه، فهو يشكل 82% من إجمالي إمدادات الطاقة العالمية، لكنه تسبب في تغيرات مناخية حادة لكوكب الأرض.

إعلان

كيف وممّ يتكون الوقود الأحفوري؟

بعد أن تدفن بقايا الكائنات الحية (نباتات وحيوانات) تحت طبقات القشرة الأرضية تتعرض لدرجات حرارة وضغط مرتفعة جدا، إضافة إلى انعدام الأكسجين، ما يؤدي إلى تركيز مادة الكربون فيها وتحويلها إلى وقود أحفوري.

ويعتمد تركيب الوقود الأحفوري على دورة الكربون في الطبيعة، ويستخرج من المواد الأحفورية كالفحم الحجري، والفحم النفطي الأسود والغاز الطبيعي، ومن البترول بعد احتراقه في الهواء مع الأكسجين.

إعلان

قامت الثورة الصناعية في القرنين الـ18 والـ19 تزامنا مع استعمال الطاقة الأحفورية في المجال التقني، خاصة الفحم الحجري في ذاك الوقت، ولاحقا أصبح النفط الخام يلعب الدور الأكبر في تلبية احتياجات الطاقة نظرا لسهولة استخراجه ومعالجته ونقله.

يعتبر الوقود الأحفوري طاقة غير متجددة لأنه مكون من مواد تحتاج ملايين السنين لتصير وقودا، مما يعني أنه لا يتم إنتاجه من جديد، عكس الطاقات المتجددة التي لا تنضب عند استعمالها، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية، بل تتجدد باستمرار.

يكون الوقود الأحفوري صلبا أو سائلا أو غازا، وتعد الهيدروكربونات (المواد الكيميائية التي تتكون من ذرات من الكربون والهيدروجين) أساس تكوينه.

أنواع الوقود الأحفوري

الفحم

يعد الفحم أكثر أنواع الوقود الأحفوري الصلب استخداما، ويتشكل من طبقة سميكة من النباتات المتحللة التي نمت في مستنقعات أو مناطق قريبة منها، أو بالمناطق الدافئة والرطبة خلال العصر الكربوني، أي قبل ما بين 359 إلى 299 مليون سنة تقريبا.

وخلال ملايين السنين، تحللت هذه النباتات وتغطت بطبقات مختلفة ضغطتها وحولتها إلى مادة بنية تسمى "الجفت"، ومع تعرضها لمزيد من الضغط والحرارة وتراكمها تحت طبقات كثيرة، تتحول من الجفت إلى "اللينيت" وهو فحم ناعم، يتحول بدوره إلى فحم صلب.

إعلان

ويستخرج بطريقتين، الأولى عبر التعدين باستخدام الآلات الثقيلة في المناجم، أو التعدين الشريطي، وكلتاهما تضران بالبيئة وتدمرانها.

النفط والغاز الطبيعي

ومن أشهر أنواع الوقود الأحفوري البترول، وتشكل هو الآخر خلال العصر الكربوني من بقايا كائنات مائية كالطحالب والعوالق الحيوانية التي دفنت في قاع موحل، وتخزنت في الطبقة الجوفية من الأرض، وتحولت مع مرور الزمان إلى الكيروجين الذي تحول بدوره إلى نفط وغاز تحت تأثير الضغط والحرارة.

ويستخرج النفط عبر التنقيب وحفر الآبار، أو حتى عبر التعدين الأرضي أو الشريطي عند استخراجه من الرمال القطرانية باستخدام أنابيب وأعمدة.

إعلان

أما الغاز فقد يتم إيجاده مع النفط فيسمى الغاز المصاحب، أو منفردا فيطلق عليه غير المصاحب، وهو نوعان الغاز الحلو والغاز الحامضي.

أنواع أخرى

ومن أنواع الوقود الأحفوري الأخرى الجفت وفحم الكوك، وهما من أنواعه الصلبة، والجفت يستخدم في التدفئة لكنه يعد غير فعال لاحتراقه البطيء وبسبب كمية الدخان الكثيرة التي ينتجها وحرارته المحدودة.

إعلان

ويتشكل فحم الكوم من بقايا مواد عملية استخراج الغاز والقطران، ويستخدم في أفران صهر الحديد لأنه ينتج حراراة شديدة من دون دخان.

وهناك عدة مصادر وقود بديلة مثل الصخر الزيتي والقطران الرملي، لكن تكلفة استخراجهما العالية تجعلهما خيارات بديلة غير ناجعة.

خصائص الوقود الأحفوري

يتميز الوقود الأحفوري بامتلاكه كثافة طاقة عالية وبسهولة نقله وتخزينه، كما أنه بمعالجته بتروكيميائيا يمكن الحصول على أنواع مختلفة منه، خاصة من الوقود الأحفوري السائل والغازي، حيث يتم استخراج وقود منه، وذلك للاستعمالات المختلفة في المحركات والطائرات والسفن بعد المعالجة البتروكيميائية اللازمة، إضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية.

إعلان

ويعد احتراق الوقود الأحفوري من السلبيات التي تتسبب بتلوث الهواء الذي يؤدي بدوره إلى الاحتباس الحراري الناتج عن غازات تغلف المجال الجوي وتمنع الانعكاس الحراري الصادر عن الأرض من انتقاله إلى خارج الكوكب، مما يسبب ارتفاعا في درجات حرارة الأرض، ويزيد التصحر والجفاف.

يحتوي الوقود الحيوي على كربون يكون حديثا في جو الأرض، ويختلف عن الوقود الأحفوري الذي يحتوي على كربون تمت إزالته من الجو منذ ملايين السنين وتخزينه في باطن الأرض.

إعلان

وتوجد أكبر رواسب الفحم في العالم في الولايات المتحدة وروسيا والصين، وتنتشر أيضا في أستراليا والهند وجنوب أفريقيا، ويعد الشرق الأوسط الحاضن الأكبر لنصف احتياطات النفط والغاز الطبيعي، فهو لوحده يملك أكثر من بقية العالم مجتمعة.

مخاطر استهلاك الوقود الأحفوري

دعت مجموعة من العلماء والاقتصاديين في بيان تزامن مع "يوم الأرض" في أبريل/نيسان 2015، إلى ضرورة أن تظل ثلاثة أرباع احتياطيات الوقود الأحفوري في باطن الأرض إذا أريد للإنسانية أن تتجنب أسوأ تأثيرات تغير المناخ، فهو طاقة غير متجددة، أي محدودة.

وقالت المجموعة أيضا إن ثلاثة أرباع احتياطيات الوقود الأحفوري يجب أن تظل في باطن الأرض إذا أريد لحرارة الأرض ألا تتعدى الزيادة درجتين مئويتين، وهي "الحد الآمن" المتفق عليه من قبل الحكومات.

وحسب الأمم المتحدة فاحتراق الوقود الأحفوري مسؤول عن 30% من الارتفاع في درجات الحرارة العالمية.

ويشكل استخراج الوقود الأحفوري وحرقه ضررا بيئيا من تلوث غازات الهواء التي قد تؤدي إلى أمطار حامضية، أو حتى الاحتباس الحراري. وهو سبب ما نسبته 75% من انبعاثات الغاز الدفينة، ويعد ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غاز الميثان.

وباتت محطات توليد الطاقة الأحفورية تتراجع تراجعا متزايدا أمام توسع الاستثمار في الطاقات المتجددة، ولذلك قد تضطر الشركات لإغلاق محطات الطاقة الأحفورية والنووية مستقبلا.

واعتبرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في بيان سابق لها أن وقف دعم الوقود الأحفوري من شأنه أن يصب في مصلحة الجهود الرامية لتقليل الانبعاث الحراري، كما أنه سيقلل عجز الموازنات الحكومية.

وأظهرت دراسة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "آي بي سي سي" للعام 2018 أن 89% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون كانت بسبب احتراق الوقود الأحفوري.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان